ولد في 29 يناير سنة 1860 أسرة فقيرة، فقد كان جده لأبيه من الرقيق الذين يعملون في أراضي الإقطاع الروسـي ، حتى إذا نجح في توفير حوالي 3500 روبل اشترى حريته هو وعائلته. وكان والد تشيخوف رجلاً قاسياً يملك محلاً صغيراً للبقالة لا يعرف قلبه معنى الحب أو الشفقة فذاق ابنه على يديه أصنافاً من العذاب والمعاناة، فكان على أنطون أن يصل الليل بالنهار ليعول نفسه وهو لم يتعد بعد السابعة من العمر، وعندما قارب على الانتهاء من المرحلة الثانوية أفلس والده وهجر البيت، تاركاً لتشيخوف عبء إعالة الأسرة بأكملها، فعمل في مجال التدريس حتى حصل على منحة لدخول كلية طب موسـكو، وهنا بدأ تشيخوف يعمل بالكتابة ليساعد أسـرته ويتمكن من استكمال تعليمه، وهو ما نجح في تحقيقه، غير أن ميوله الأدبية ككاتب قصص قصيرة سرعان ما تغلبت عليه وأصبحت الكتابة مهنته الأساسية التي يعيش منها ولها ومما لا شك فيه أن الظروف الإنسانية والاجتماعية التي عاشها الكاتب هي التي سـاهمت في تكوين نزعته الإنسانية ، وميله للطبقة الوسطى محاولاً إصلاح أمرها، وتهذيب أحلامها ومسلكها . وفي كتبها في عام 1888 يقول" لقد وُلدت ونشأـ وتعلمت وبدأت الكتابة في جو كان المال يلعب فيه دوراً كبيراً إلى حدٍ مؤسف ، وقد كان لهذا الجو أسوأ الأثر على نفسي" ولعل في اختيار تشيخوف للمذهب الواقعي دليلاً على ميله الشديد وتفاعله مع مشكلات الرجل العادي الذي جعل منه بطلاً لقصصه في وقت كان فيه الأبطال من عالم النبلاء والأشراف وأصحاب الضياع. فبطل قصة " موت موظف" إنسان عادي.. يعمل كاتباً يذهب في الليالي الصافية لمشاهدة المسرحيات وكأي إنسان عادي.. مدفوع بخجله يفضل الجلوس في مقعد بالصف الثاني رغم قصر نظره، وتلك هي نوعية الشخصيات التي تأخذ دور البطولة في كتابات تشيخوف الإنسان العادي البسيط ، كما يحاول تشيخوف أن يكون قالبه القصصي أشبه بحياة بسيطة ساذجة تنساب من تلقاء نفسها. فتشيخوف يأخذ القارئ العادي بصورة سطحية، والقارئ المثقف يستطيع أن يستشف منها دلالات ومعاني أبعد من حدود الكلمات. فتشيخوف دأب على تناول المشاكل الاجتماعية، وحاول أن يظهرها واضحة جلية وأن يفند عيوبها، ولكنه لا يقدم لها حلولاً ، من الواقعية التي اختارها مذهباً له تعني الولاء للحياة الإنسانية يعرض مشاكلها ويترك للآخرين والمتخصصين إيجاد الحلول له وتشيخوف عادةً ما يختار اسم البطل أو البطلة عنواناً للقصة، وذلك عندما تكون شخصيته أقوى من الحدث فيبرز الشخصية على الحدث، أما عندما يكون الحدث هو البطل ، كما هي الحال في قصة "الشقاء" فهو يجعل منه اسماً للقصة. ويلجأ تشيخوف أحياناً إلى استخدام الأسلوب الساخر، وهذه السخرية ليست بهدف التسلية أو التخفيف من حدة التوتر كلما اشتعلت الأحداث وبلغت ذروتهـا. إنما هي سخرية تهدف إلى الكشف عن العيوب الاجتماعية، فهو يحاول أولاً وأخيراً إصلاح مجتمعه سواءً بأسلوبه الجاد أو بأسـلوب ساخر، وقد كتب تشيخوف للمسرح وكانت مسرحيته "النورس" قد لاقت النجاح بعد أن أخرجها المخرج الشهير ستانسلافسكي.. وتزوج عام 1901، ولكن الزواج لم يستمر طويلاً لمرضه. ولما اشتد عليه المرض سافر إلى ألمانيـا ودخل المصحة، ولكن حالته تدهورت، وفي 4 يونيو عام 1904 توفي أنطون تشيخوف أحد أهم رواد فن القصة القصـيرة.