تعال نختلف
بسم الله الرحمن الرحيم
من
خلال سبري لأمور الناس حولي وما يدور في مجالسنا وجدت أننا نعيش خلافاً
على جميع المستويات , ولا أقصد هنا الخلاف الحاصل بين الأشخاص الذين تسلط
عليهم الشيطان , وضعفت عقولهم , فأصبحوا يهجرون السنين الطوال لأجل خطأ
تافه , أو بدون خطأ – وهو الأكثر – بل لمجرد الأوهام .
وإنما
قصدت هنا الخلاف الذي ينشب كثيراً بين أصحاب المجلس الواحد , أوفي موقف من
المواقف , أو رأي من الآراء , وتتعال الأصوات انتصاراً لهذا الرأي ,
وبرهاناً على صحة القول , والخلاف أمراً أراه طبيعياً لاختلاف المفاهيم
والعقول .
ولكن الأمر الغير طبيعي
أن يكون هذا الخلاف سببٌ لوغر الصدور, والنفرة بين الأصحاب , وربما كان
سبباً للقطيعة الطويلة والهجران , أو على أقل تقدير أن يكون في النفس شيء
على الأخوان أو تسفيهاً لرأيهم , ولذا كان أصحاب العقول الكبيرة لا
يكترثون بهذا الخلاف .
وأذكر في
هذا المجال اثنان من أحبابنا متآخين منذ أكثر من عشرين عاماً – أدام الله
مودتهم وثبتها – وحينما يكونون بيننا في المجلس نراهم من أشد الناس خلافاً
في الآراء , ومع ذا فلا يخرجون من المجلس إلا سوياً , وامتدت – وما زالت -
علاقتهم هذه السنين الطوال وما ذاك إلا لكمال عقولهم .
إن
أعظم شيء يفعله المرء عند الخلاف هو التنازل عن بعض الرأي , وعدم التعصب
المقيت له , وكم من رأي وطريقة كنا نظنها هي الأنسب في هذا المقام ومع
تقدم الزمان واكتساب الخبرة في الحياة تبين لنا خلاف ذلك .
ونقطة
أخرى مهمة لو نظرنا في اختلافنا نجده في الغالب على أمور تافه يمكننا حلها
دون مشاكل , أو خلاف في أمور نحن بعيدين كل البعد عن إصدار قرار لها سواء
كان في الشأن السياسي أو الاجتماعي أو غيرها مما هو متعلق في الأمور
العامة , ومع ذا تجد أننا نختلف ونتخاصم وليس بأيدينا تطبيق أي حل نطرحه .
أخي... سأذكر لك نماذج للخلاف يمكن قياس غيرها عليها .
على المستوى العام
تعال
نختلف على أن المسلمين أنما أصابهم الذل والهوان بسبب كذا وكذا , ولكننا
نتفق في النهاية أنهم في مؤخرة الركب , وهم بحاجة لرفع الذل عنهم .
تعال
نختلف على أي الطرق مناسب للتغير في المجتمع المدني أو على المستوى الأسري
– بين الزوجين - ولكننا نتفق أننا بحاجة للترقي على جميع المستويات .
تعال نختلف في أن الوضع المعيشي في هذه السنة أغلى منه في العام الذي قبله ولكننا نتفق أن كلا العامين زاد فيهما الغلا .
تعال نختلف على أننا ينقصنا كذا وكذا حتى نصلح أحوالنا , ولكننا نتفق أننا بحاجة للإصلاح .
وعلى المستوى الفردي
تعال نختلف على أن الجهاز كذا أفضل من جهاز كذا , ولكننا نتفق أن كلاهما جيد .
تعال نختلف أن البلد الفلاني أجمل من البلد الفلاني ولكننا نتفق أن كلا البلدين جميل .
تعال نختلف ونحن في سفر على أن المتعة والنزهة أن نذهب إلى مكان كذا أو مكان كذا , ولكننا نتفق أننا بحاجة للنزهة
بل تعال نختلف على أنه بيننا خلاف , ولكننا نتفق أنه موجود وبحاجة للحلول .
إذاً آلا ترى يا صديقي أننا نستطيع أن نتفق ؟
كتبه: عادل بن عبدالعزيز المحلاوى