<td colspan="2">الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فـ"رمضان" يشهد أن هوية مصر "إسلامية".. سلوا المآذن والمساجد عن هوية مصر؟! ففي سماء مصر يُرفع شعار الإسلام مناديًا: الله أكبر، الله أكبر.. الله أكبر، الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله.. أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدًا رسول الله.. أشهد أن محمدًا رسول الله. ثم ينادي المؤذن في جموع المصريين المسلمة: حيَّ على الصلاة.. حيَّ على الصلاة. حيَّ على الفلاح.. حيَّ على الفلاح. ثم ينادي مكبرًا لترتج أرض مصر وكيانها، وقلوب شعبها المسلم: الله أكبر.. الله أكبر. لا إله إلا الله. ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يُغِير على بلدة إلا بعد الصبح؛ فإذا رفعوا الأذن استدل بذلك على إسلامهم؛ فما من بيت من بيوت مصر إلا ويدخل فيه الأذان ليلاً ونهارًا خمس مرات؛ ليعلن هذا "الأذان" عن "هوية مصر". سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! انظروا إلى شوارع وميادين وطرق مصر الحبيبة، وقد ازينت عن آخرها فرحًا وسرورًا باستقبال شهر رمضان؛ شهر القيام، شهر الصدقة، شهر العمرة، شهر المغفرة والرحمة، شهر العتق من النيران. لقد خرج أهل مصر صغيرهم وكبيرهم ليزينوا شوارع وطرق وميادين مصر بالزينات والأنوار؛ تعبيرًا عن فرحتهم بقدوم رمضان، وفرحهم بطاعتهم لربهم وإسلامهم.. فقد جاء رمضان. سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! وأنتم ترون هذا المشهد الذي يدخل الفرح والسرور على قلب كل مسلم، فترى كل مصري وقد أمسك بمصحفه في رمضان؛ ليتحين الفرصة ليقرأ في كتاب ربه، ويستزيد من الاستمتاع بكلام ربه.. ترى هذا المشهد من الرجال والنساء، بل والصبيان، فقلما تجد مَن كان خاليًا، بل الكل أمسك بمصحفه صمام الأمان له. سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! مروا على المساجد المنتشرة في كل أماكن مصر المعلنة عن هوية مصر الإسلامية، مروا في صلاة العشاء؛ لتروا هذه الأعداد الكبيرة من أبناء مصر التي حرصت على صلاة العشاء والتراويح مع الإمام وهم يستمعون إلى آيات ربهم التي تُتلى عليهم، وما مشهد مسجد "القائد إبراهيم" ببعيد؛ فانظروا إلى الآلاف الكثيرة التي أتت مِن كل مكان؛ ليؤدوا صلاة التراويح، ويستمعون إلى آيات ربهم. سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! انظروا إلى مساجد مصر قاطبة، وهي تستقبل المصلين في صلاة الفجر، ولعله مشهد لا تراه بهذه الصورة في غير رمضان، جاءوا جميعًا ليؤدوا صلاة الفجر مع الإمام بعد ما تناولوا طعام سحورهم كما حثهم على ذلك رسولهم الصادق الأمين، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً) (متفق عليه)، فتراهم يؤخرون سحورهم لآخر الوقت؛ ليتمكنوا من صلاة الفجر في وقته، ومع هذه الجموع التي تؤدي هذه الفريضة حيث يُنادى بها. فانظروا إلى الشوارع والطرقات وقد امتلأت بهم، وهم يسعون إلى المساجد لأداء صلاة الفجر، ملبين نداء المؤذن: "الصلاة خير من النوم.. الصلاة خير من النوم". سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! سلوا شوارع مصر وطرقها إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب فتراه خاليًا من الناس إلا من بعض المارة؛ فأين ذهب الناس؟! تراهم في مساجدهم يتناولون بعض التمر، بعد يوم صومهم، ليتوجهون بعد ذلك إلى بيوتهم ليتناولوا طعام الإفطار. سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! انظروا إلى موائد الإفطار التي أُعدت في أحياء مصر الراقية فيها والفقيرة؛ ليقدِّموا عليها أصناف من الأطعمة والأشربة، يستضيفون الصائمين لينالوا الثواب من عند ربهم. فما الذي دفعهم إلى ذلك؟! إسلامهم لا غير، يمتثلون لكلام نبيهم -صلى الله عليهم وسلم-: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني). سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! سلوا مكاتب السياحة عن هذا الكم الذين يخرجون في رمضان فقط إلى العمرة، يعتمرون في رمضان تفعيلاً لقول رسولهم –صلى الله عليه وسلم-: (عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي) (رواه البخاري ومسلم). إذا تفكرنا.. فكل معتمر ينفق الآلاف من الجنيهات مِن أجل ماذا؟! مِن أجل أداء هذه العبادة طاعة لربه، وما دفعهم إلى ذلك إلا إسلامهم. وتعظيمًا لحرمات ربهم، وتعظيمًا لشعائر ربهم: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32). سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! مصر بلد "الأزهر الشريف"؛ الذي هو رمز للإسلام والمسلمين، وله هذا التعظيم والتشريف في قلوب أبنائه المصريين، بل وجميع المسلمين في أنحاء الدنيا. سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! بيننا وبينكم يوم 27 من رمضان وأنتم ترون الناس جميعًا وقد خرجوا لصلاة التهجد، وكأن البيوت قد خلت من سكانها؛ ليشهدوا الصلاة، وختام القرآن.. تراهم وهم يرفعون أيديهم في الدعاء يرجون مِن ربهم الرحمة، ويخافون من عذابه، فقد سُكبت العبرات يتضرعون لربهم ليغفر لهم ذنوبهم، ويعفو عن تقصيرهم. سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! بيننا وبينكم صلاة العيد؛ لتنظروا إلى هذا المشهد العظيم، فقد خرجت مصر بأكملها رجالاً ونساءً وصغارًا؛ ليؤدوا هذه الشعيرة، ويشهدون دعوة الخير، وكأنهم خرجوا ليعلنوا للدنيا بأسرها "هوية مصر الإسلامية". سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! أليس هوية البلد تُحدد بهوية أبنائها؟! قد تعلمنا مِن قرآننا أنني كمسلم ينبغي أن أعلن عن هويتي لتشهد كل الدنيا بهويتي الإسلامية: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33)، (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الأحقاف:15)، (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران:64). فماذا تريدون من مصر؟! فمصر تقول لكل من أراد بها كيدًا: (مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران:119)، فمصر "إسلامية.. إسلامية" (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (الصف:9). مصر هي الأرض وطأها الأنبياء: فهذا يوسف -عليه السلام-.. الذي تربى على أرض مصر،وأكل من زروعها وثمارها، وشرب من مائها. وهذا موسى -عليه السلام-.. الذي تربى على أرض مصر، أكل من زروعها وثمارها، وشرب من مائها. وهذا يعقوب -عليه السلام-.. دخل أرض مصر مع جميع أبنائه. وهذا إبراهيم -عليه السلام-.. الذي وطأ بقدميه أرض مصر. سلوا رمضان.. عن هوية مصر؟! فرمضان يشهد لمصر أنها: "إسلامية.. إسلامية".