كاد يغرق لولا دعوة والده..قصة عجيبة ومؤثرة
دارت أحداث هذه القصة
في عطلة الحج قبل سنتين في منطقة الشعيبة وهي منطقة ساحلية برية على شواطئ
البحر الأحمر تقع جنوب جده على طريق الليث ,, وتعتبر منطقة تخييم للشباب
والعوائل في إجازة الشتاء ..
كنا خمسة من الشباب وصلنا في الصباح ونصبنا خيمتنا على شاطئ البحر, وكالعادة قمنا بذبح الذبيحة.... الخ .
أما
أنا وبصراحة, فقد كنت الوحيد من بينهم الذي لا أصلي نهائياً وكان عمري
وقتها واحد وعشرون عاما ً, ولا أصليها مع أن أبي كان إمام مسجد وكنت أطيعه
في كل شيء يقوله ويأمر به, إلا الصلاة.. وفي حياتي لم أسمعه يدعو علي قط ..
وما كان يقول غير(الله يهديك ويصلحك) فقط ..
كانوا يوقظني للصلاة فأذهب لأتجول بالسيارة, وأرجع بعد أن ينتهي المصلون من الصلاة, لأنه أول من يدخل المسجد وآخر من يخرج منه ..
ولأجل ذلك فهو لن يفقدني, فقد كنت عاصيا الى درجة غير طبيعية ...
وبعد
ان تناولنا طعام الغداء, قام الشباب بتجهيز عدتهم من اجل النزول للبحر
للذهاب في رحلة غوص وطبعاً كان لابد من جلوس احد الشباب في الخيمة, فجلستُ
لأني غير ماهر في الغوص.. جلستُ لوحدي في الخيمة وكان بجانبنا مجموعة من
الشباب,فقام احدهم للأذان فخرجت خارج الخيمة ورأيتهم يتجهزون للصلاة فقلتُ –
في نفسي- دعني أنزل للبحر لآخذ لي شوط سباحة تجنباً للإحراج ..
فقمت
ولبست ونزلت البحر..غصتُ وغصت حتى وصلت الى منطقة جيدة للسباحة (أي غير
عميقة ولا بعيدة) ,وسبحتُ في منطقتي (الشعيبة) والتي هي معروفة بالأجراف ..
تعبت
قليلا ً وقلت دعني استلقي على ظهري وأهمل جسمي حتى أرتاح قليلا ً ثم أرجع,
فقمتُ بالاستلقاء وطفوت على سطح الماء. وفجأة أحسستُ أن أحدهم يسحبني
لأسفل, ونزلتُ تحت الماء, حاولتُ أن أقف على أرضية البحر ثم أدفع نفسي إلى
أعلى - وفي بالي ان المسافة مترين تقريباً- وفوجئت اني قد بعدت ونزلت في
(جرف) وأنا لاادري ووقعت في منطقة عمقها خمسة أمتار تقريباً حاولت الطلوع
وحاولت مرارا ً ولكني ما استطعت, وأحسست كأن هناك شخص فوقي ويمسكني مع رأسي
ويدفعني إلى أسفل .. حاولت بكل الطرق التي تعلمتها في النادي ولكني ما
استطعت الطلوع , وكنت أتخبط في الماء وفي حالة يرثى لها ....
أحسستُ وقتها أني أضعف من الذبابة.. بدأ النفس يضيع مني.. بدأت أحس أن الدم يحتقن في رأسي , ومن ثم أحسست بالموت ..!!
بدأت
أتذكر أبي وأمي وأخواني وأقاربي وأصحابي وأولاد الحارة والعامل في البقالة
وكل شخص مَرّ علي في حياتي .. تذكرت كل شي عملته وكلها في ثواني معدودة ,
وبعدها تذكرت نفسي .. !!
بدأت أسأل نفسي : هل صليت ؟ لا.. هل صمت ؟ لا .., هل حججت ؟ لا ..هل تصدقت ؟ لا ...
أنت في طريقك إلى ربك ومفارق لدنياك.. مفارق لأصحابك كيف ترغب في مقابلة ربك ؟!!
وفجأة
سمعتُ صوت أبي وهو يناديني باسمي ويقول: قم صلي.. تكرر الصوت في أذني ثلاث
مرات, وبعدها سمعت صوته وهو يأذن فأحسست انه قريب مني وسيأتي ليخرجني ..
صرتُ أنادي عليه وأصيح باسمه والماء يدخلُ في فمي.. أصيح وأصيح ما من مجيب
...
أحسست بملوحة الماء في أعماق جسمي وبدأ النفس يتقطع ,,,
أيقنت بالهلاك ,, حاولت أن أنطق بالشهادة .. نطقت أشهـ .. أشهـ..
وما أقدرُ أن أكملها , كأن هناك يدٌ قابضة ٌعلى حلقي وتمنعني من نطقها .. أحسست أن روحي ستخرج , وتوقفت عن الحركة ..
وهذا آخر شيء أتذكره ..
صحيت
في الخيمة وكان عندي عسكري من خفر السواحل ومجموعة من شباب الخيمة
المجاورة. أول ما صحيت قال لي العسكري : الحمد لله على السلامة. ثم مشي ..
سألت الذي عندي وقلت : من هذا ؟ ومتى جاء ؟ وكيف؟
فقالوا: لا ندري, جاءنا فجأة, وأنقذك و كما ترى فقد انصرف فجأة!!
سألتهم : هل رأيتموني وأنا في الماء ؟
قالوا:
مع إننا كنا على الشاطئ , لكن نقسم بالله ما رأيناك وما علمنا عنك إلا
بمجيء العسكري وإنقاذه لك ..مع العلم ان مركز خفر السواحل يبعد عن خيمتنا
حوالي 20 كيلو متر بطريق بري يعني يحتاج له ثلث ساعة تقريباً حتى يصل لنا
إذا جاءه بلاغ !!
وحادثة الغرق صارت في دقائق معدودة والذين بجانبنا وهم
أقرب الناس لي في لحظتها يحلفون بالله أنهم ما رأوني !! فكيف رآني العسكري
وأنقذني ؟!! وربي الذي خلقني الى يومنا هذا لا أعرف كيف وصلني ..!!
ورَنّ جوالي ..أجبتُ.. فإذا هو أبي .. وبدأت تتلخبط عندي الأمور.. قبل قليل سمعتُ صوته, والآن يتصل ؟!!
أجبتُ
عليه: كيف حالك وماهي أخبارك؟ سألني: هل أنت بخير وكررها مراراً.. وبالطبع
لم أرد أن أخبره حتى لايقلق.. تفاهمت معه وأقفلت الخط ..
بعد إنهاء
المكالمة؛ قمتُ وصليتُ ركعتين.. وفي حياتي كلها لم أصلي مثل هاتين
الركعتين.. حتى أني صليتها في نصف ساعة.. ركعتين صليتها من قلب صادق, وبكيت
فيها حتى ضاع صوتي .. وفي نفس اليوم .. عندما عاد الشباب.. قلت لهم: أنا
ذاهب.. ورجعتُ إلى البيت.. وعندما عدتُ كان أبي موجوداً. وعندما فتحتُ
الباب فوجئت وهو في وجهي ..قال : تعال أريدك ..ذهبت معه قال :أمنتكُ بالله
ماذا صار معك اليوم وقت العصر؟ تفاجأت واندهشتُ وأرتبكت ولم استطع
الكلام.أحسستُ كأنّ أحداً أخبره !!
كرر السؤال مرتين ..وفي النهاية حكيت
له الحكاية بالتفصيل؛ عندها قال لي :والله إني أسمعك تناديني وأنا ساجد في
السجود الثاني في آخر ركعة وكأنك في مصيبة ما بعدها مصيبة, انت تناديني
بصياح وأحس قلبي يتقطع وأنا اسمع صوتك .. ولم أحس بنفسي وإلا وأنا ادعولك
بأعلى صوتي والناس تسمع ..وفجأة أحسست كأن أحدهم صبّ عليّ ماءاً بارداً ..
خرجت من المسجد بعد الصلاة واتصلت عليك مباشرة ً.. والحمد لله أجبت عليّ وأحسست أني أرتحت كثيرا ً...
ولكن
ياولدي أنت مفرط في الصلاة وأنت تظن أن الدنيا ستدوم لك...ألا تدري أن ربك
يقدر أن يقلب حالك في ثوان معدودة, وهذا شي بسيط مما يستطيع ربك أن يعمله
بك, ولكن ربي كتب لك عمراً جديداً ...
عرفت ان الذي أنقذني من الموقف كان رحمة الله أولاً, ثم دعوة أبي لي ...
وهذه
لمسة بسيطة من لمسات الموت لكي يرينا الخالق عز وجل أن الإنسان مهما بلغت
قوته وبطشه يصبح أضعف مخلوق أمام بطش الله وجبروته عز وجل ..
ومن يومها لم تغب عن بالي الصلاة ولله الحمد ..
فيا
شباب عليكم بطاعة الخالق وطاعة الوالدين. وصدقوني من برّ بوالديه لن يخيب
أبداً. فالبر بهم أساس سعادتك في الدنيا وتوفيقك وحمايتك من الشرور بعد
طاعة الله عز وجل.