هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم ، ولد في مدينة " طنجة " ببلاد المغرب عام 703 هـ من أسـرة عريقة في الاشتغال بالشريعة الإسلامية وعلومها، وفي تولي مناصب القضاء بين الناس. وقد خلد التاريخ اسم ابن بطوطة وسـجله بين كبار الرحالين في العالم، ووضع اسمه على رأس الرحالة العرب، فقد اسـتغرقت رحلاته ما يزيد على ربع قرن، قطع فيها مسافة قدرها بعض العلماء بخمسة وسبعين ألف ميل، وهي مسافة لم يقطعها رحالة غيره في ذلك الزمان، وقد لقبه بعض المستشرقين بأمير الرحالة المسلمين. وقد بدأ ابن بطوطة رحلاته بالحج إلى " مكة " وله من العمر اثنان وعشرون عاماً، فخرج من " طنجة " عام 725هـ وقصد " تونس " وانضم إلى ركب الحجاج القاصدين إلى الحجاز واختاره الحجاج قاضياً عليهم لعلمه وورعـه. وبعد أشهر وصل الركب مدينة "الإسكندرية" وهناك التقى ابن بطوطة بعالم يدعى "برهان الدين" أغراه بزيارة الهنـد والصـين، وسـافر ابن بطوطة من "مصر" إلى "الشام" وتنقل وهو في الطريق بين مدن "فلسطين" و "الشام" وزار "بيت المقدس" ثم استعد للرحيل إلى الحجاز فانضم إلى ركب حجاج الشام متجهاً إلى "مكة". ? غادر "مكة " في صحبة ركب العراق، وحينما وصلوا إلى "النجف" انفصل عن الركب ليشاهد معالم البلد ثم لحق بالركب في الطريق وصاحبه حتى بلغ البصرة ومنها زار بعض المدن بغربي "إيران" ، ثم عاد منها إلى العراق حيث نزل " الكوفة ". وزار بعض مدن العراق الهامة، ثم انضم إلى ركب الحجاج قاصداً الحج للمرة الثانيـة. وفي هذه المرة أقام بمكة سنة كاملة ثم حجّ للمرة الثالثة، وبعد الحج قصد بلاد اليمن سالكاً طريق البحر، وزار أشـهر مدنها مثل " تعز" و"صنعاء" ثم انتقل إلى عدن، ومنها عبر البحر إلى "زيلع" و"مقديشو" وتجول في بلاد الصومال، ثم قصد جنوب بلاد العرب مرة أخرى وانتهز هذه الفرصة فحجّ للمرة الرابعة. ومن مكة ذهب إلى مصر، ثم قام برحلة طويلة إلى آسيا الصغرى حيث الأتراك العثمانيون ثم غادرها إلى شبه جزيرة القرم عابراً البحر الأسـود، وبعدها زار بلاد فارس وتنقل بين أهـم مدنها ثم قصد بلاد الهند فسار في ركب تجاري حتى دخلها، وهناك قابل سلطانها فأنعم عليه بمنصب القضاء على مدينة "دلهي"، ولم تلبث العلاقات أن ساءت بينه وبين السلطان فترك الهند وزار بعض الجزر القريبة منها ثم ارتحل متجهاً إلى جزيرة سـيلان ثم قصد جزيرة "جاوة" ومنها رحل إلى بلاد الصين حيث لقي من ملكها كل حفاوة وتقدير،ومن الصين رجع إلى الهند وغادر الشرق الأقصى قاصداً العودة إلى بلـــده وبعد عودته قام برحلة لزيارة بلاد المسلمين في السودان الغربي وانضم إلى قافلة تجارية حيث قام بجولة في بلاد السودان استغرقت ما يقرب من عام عاد بعدها إلى فاس حيث سجل رحلتها العجيبة في كتاب ظهر باسم " تحفة النظائر في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" وقد ترجم هذا الكتاب إلى لغات كثيرة منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والبرتغالية. وترجع قيمته لما حواه من صور صادقة للعصر الذي عاش فيه مع عنايته بالحالة الاجتماعية وتسجيل الكثير من العادات والتقاليد والغرائب مما يلقي ضوءاً كثيراً على العالم حينــذاك ومات ابن بطوطة عام 779هـ بعد هذه الحياة الحافلة التي وضعته في مقدمة الرحالة في بلاد العالـم.